نقضت عهدي

لما ذكرتك بعد طول الهجرو البعد فأنا بعهد نفسي ناكث

عزت علي الفرقة و الهوى و وقوع بعد الحدث حادث

لم أترك لحظة زكراك و بين أطلالها صبرت ماكث

قاتلت سواد الليل و رميت الأنجم بحبي العابث

حتى أنجلى الليل و اشرق وجهك بنوره الباعث

اصيب شعري بالعجز لم يعد يواسيني في همي الناعث

و رنوت للرواة على أخبارها عل خبر يصيب الغائث

لا أطلب منك الا لحظة أشكو همي فأنا للحزن وارث

يا كيان هزني الترفق بقلب في كل دقة له لك حارث

انت أولنا و انا ثانينا و الحب و ان قل الثالث

دعيني فلم يعد بي شئ أحبك به فأن كلامي حانث

ما فائدة الحذر

أقسمت بمن خلق الخليقة و ابدع السماوات انك الاجمل بين البشر

حورية هربت من الجنة حسنها يضئ الدنيا و لمستها تلين الحجر

غراء ليست ذي عوج عيناها ساحرة فان نظرتها ساغ البصر

تزين شعري اذا كتبتها شعرا و تأثر العقل اذ تخطاه الأثر

صرت بك هائما رغما عني سامحيني أن كتب علي القدر

حبك مكتوب علي كفطرة خلقت بها او عبرة تعلمتها ضمن العبر

و حلفت بيني و بين نفسي لاجعل جمالك قصة تحكى مثل السير

لا تسأميني فان حبك وصل المدى فصار يهطل مني كالمطر

فان تعطفين على محب بائس بنظرة عطف لتخطى كل العسر

و ان تحدثيه بجميل كلمك لكان عنده يوم سعده و لكان له الخبر

لا تعتبي علي حبي فقبلي مات المحبين بحبهم و لم يتخذوا الحذر

و ما فائدة الحذر امام سحرك فاني احبك ولو أقمت بيني و بينك الجدر

أبتهال (१)

يا خالق الكون يا خالقي يا من يسأل المغفرة و يمحو الخطايا
ان لم تغفر لي كيف أعيش في كونك فالمغفرة هي خير العطايا
أمنن علي بتوبة تغسل صدري من سواد الذنوب قبل المنايا
و شربة لا أظمأ بعدها من يد حبيبك خير من ماء كل الركايا

فرط الدلال

فرط الدلال فيها الخصل ففي حياها يدوم الأمل

أضحت كشمس دافئة امست كقمر في السماء انعجل

هل لي بعدها مليح يؤنس ما بقى من وحدة في تقتل

حدثتني من حيث داعي الروح فبكت فرحة المقل

جعلت من ذكراها منسكا و الهوى مرسالا بيننا يتنقل

فقير دونها في الملا اغنى البشر اذا سهوا عني تسأل

مقامها على عودي الرست فهي الجمال و بها الأصل

تهت في قدها يوما و لم اجد مخرجا ففي قدها تاه العقل

فلم اجد غير الجفى على قسوته مؤنسا فهو لأجلها الأهل

و شربت كأس المدامه كله معه حتى مرها مذاقه العسل

يا غرقة اخذت أنفاسي كلها و ما بقى مني سوى طلل

أبكي على طللي فالدموع تمحي الذنوب من هذه الأعين النجل

نهاية شاعر

انتهيت كشاعر و هذه آخر قصيدة انحتها على أرضي

كفى ما فعل الشوق بي فقد ضحك و هو علي يقضي

و توسلته يا هوى أصبر عل الحبيب يمن علي بنبض

أو يفكر مليا و تكون الأيام المقبله للفائته عوضي

فلم حكمت علي بالموت و انت فرضتها علي فرضي

آخر دعواي اليك أسألها كي تكفنني و تقف علي ولا تمضي

و يكون دواوين شعري الكفن كي تبقى عهدي دون نقض

علها تتشفع لي عند الخالق و يكون قبري أجمل روض

و يكون نورها صاحبي و عينها تكون يومها حوضي

فقد غفرت دموعي خطايايا و صاحب بعضي بعضي

دعوني ارقض فأني الى السلام وفرت ركضي

اني انتظر الحكم فلننظر بماذا على هذا القلب يقضي

شيبة الروح

خلقني ربي من تراب و علمني السؤال و الجوابا

و أوصاني بالحياء حتى يفتح لي للجنة طريقا و بابا

لكني امام جمالك أنسى الحياء و الثواب و العقابا

و صرت بعد وجاهاتي أتلقى من كل جاهل العتابا

رضيت بما حكم الهوى و ان كان حكمه عذابا

فأذا نضوا الثوب عن جسدي وجدوا وقع الحسابا

و أحسوا حر نار قلبي أشد من نار جهنم حبابا

لا عجب من حالي فقد فاقت ملاحتها العجب العجابا

و ترسل سهم اللحظ من قوس حاجبها فيخترق الحجابا

حتى صارت سجية قلبي قطر الدم فما تاب ولا اناب

الروح تستعطف النفس كفاك فيها غربة قد صرنا أغرابا

قد هرمنا في الحب سويا و ليت يوما يعود الشبابا

ردائك

لن أجهر بسر ردائك خوفا من نشر الأسرار

كم كانت ايامي بداخله أجمل من كل الأعمار

كنت أبيت ليلتي محاط بنور آلاف الأقمار

و أصحو على نغم حالم ليس كأنغام الأوتار

لن أكفر ان قلت بيوم نسج بأحلى الأقدار

لم يكن رداءا بل كان جمال بنات الأبكار

لا و الله لم يكن حلما ان لم تأخذني الأسحار

فهاجت أفكاري و أجتمعت و صاروا مثل الثوار

منادين بتفسير يفهم لكثر هطلهم كأمطار

لن أرضى بسكن غيره فما أجمله من دار

و زينة رداءك و أن كثرت عود مزخرف بأثوار

يمشي على هين يحيي بجماله الصحاري الأقفار

فكيف أعيش خارجه و أجلب على نفسي العار

ساظل أحارب من أجله فقد صار الهدف و المدمار

نفسي

يا نفسي أسكتي صوتك عده السحاب

كفايه جزع ولا الصبر هو العذاب

شكت طيور السما من كتر شكوتك

و الله ما في غيرك يستاهل العتاب

لغة الكلام

لغة الكلام بيني و بينك الصمت ولولا فرت حسنك لم أتكلم

كفى بقلبي أفوه شاعر و ينشده على أعالي الطير الحوم

يلملمون أسرابهم مواساة لشجنه أن شجنه لو تعلمين الأعظم

فيحفظ عنه ما يبكي الرجال و يقصه على كل عاقل يفهم

حتى الأنعام بصغر عقلها أحست بحبه لكنك بحبه أعلم

أناشدك يا زمن ان تجمعنا و انت بتاريخ عذابنا ألزم

ان كان لم الشمل عليك عزيز فأستفتي الموده لعلها ترحم

ضاق الفضاء بوسعه و ضاق الصدر و ان كان أغيم

لن أسأل الدهر مستحيل بل سأسأله متوسلا الا يظلم

دوام البعد على الحبيب مظلمة و ليس عليه الا يحلم

حليم في حبك و ان ضاق الصبر و أخذ بصبر يلملم

واثق من لقاء يروي عطش قلبي من قلبك الأكرم

نار الفراق

متى أطفي بقربكم نار الفراق و تردنا الأيام كما كنا

اليس للمترحل يوما عودة بعد ما ذاق من البعد وهنا

وأجد في لقياك النعيم و في عيونك الراحة و السكنا

كفى ما لاقيته في فراقك فقد ذاد شجني الشجن شجنا

و ناجيت القمر بنقل رسائلي حتى انطفأ نوره و أنا

لا تحسبوا البعد هين فما أصعبه على المشتاق لعنا

ولو ان النيل يجري بدمعي لخلد فوق الزمن زمنا

فمنذ الرحيل لم يطب لي مضجعي ولم ينم لي جفنا

حتى الشعر تبرأ مني و ترك الفرح و أعلن الحزنا

فأن كان طريقي يوم القيامة يسارا و طريقك كان اليمنى

فالنار أبرد على جسدي من نار البعد و ان حرقتني قرنا

فلا تحرمي جسدي بغسول برد أجد فيه بعد الهلع أمنا

مقدسة

كون مقدسة كآية جمال أنزلها الله على قلب رسول مرسل

أو كون قبلة أيمم أليها الوجه و أبت اليها خير عابد مبتهل

أرى نور عينيك كشمس الضحى وسط الليل البهيم الأكحل

أعكس مرآة الحياة لك كجنة انت فيها حورية و علي تقبلي

و الفرح نديمنا يسقي الهنا في كؤوسه بخطواته مستعجل

أشرب من كأسك حلاوة شفتيك و يصير العشق داخلنا ممتلي

سبحان من أنشاك ذهبا و أنشانا حميما للذهب ينصلي

ليتني جمل على ذنده وضع هودجك و سار للزمان الأول

عابر صحراء الفراق الى جنة زينتها لك أجمل منزل

فتغير الحور من جمالك و يسألن ما هذا الجمال الكمل

هل ملكتك قاسمت يوسف جماله بل ردت جماله بجمال أجمل

ليس كمثلها بشر أو ملاك بل آية ذاد الله فيها بديع التفضل

ليتني ما أقتربت منك

ليتني ما أقتربت منك فكلما دنوت صرت بنار الحب محترقا
و همت في خيال دون رجعة فليت هذا الحب داخلي ما خلقا
أصبحت للحزن مملكة و خدي لدمعكم مجرى فيه أندفقا
لم يخطر ببال وجدي هوا مثل هواك فلماذا على القلب قد طرقا
فمنذ رؤياك كفر القلب بكل النساء و هام في حبك و أعتنقا
و حفر في البصر صورتك ليحملها محل الجفن و الحدقا
ذهد الحياة بأثرها لأجلك فهد الجبال و مهد لك الطرقا
غزى بلاد البشر بسيفه و أصابه سهم اللحظ و لم يعلن العتقا
لن أتوب عن عشقك يا أشهى أمراة و هل لغيرك خلق العشقا
دون أسمك ما كان للغة وجود و لولا معناه ما كتب قلمي و ما نطقا
فجريان دمي انت سببه فدونك ما دق قلبي حبا و ما خفقا
فبك شكلت جنان الأرض و بك حلف القلب بجمالك و قد صدقا

حواء

يا بديعة الخلق و يا رمز الانوثة ملاك انت أم روح أبداع
حواء العصر انت و من غيرك في هذه الأرض يطاع
شكلت من الألماس لتكون للبشر قمرا أو نجما سطاع
ليس لك مثل بين الخلق ان أمتلكت ثناياك كنت طماع
أسعدي سعدي و تقبلي من أحشائي سكنا كرمه بلا أنقطاع
لك فيه مرتع كجنات عدن و القلب يحميك بسيفه القطاع
أشكل ضلوع الصدر تمثال تنحته دقات القلب كأمهر الصناع
حبك داخلي نهر فأنهلي منه تهدأ النفس و تذول الأوجاع
و أتخذي من جسدي درع يبعد السقم و للهم دفاع
فأن صعدت روحي لباريها كفى روحك تملأ الأصداع
فأذكري حينها عاشق وهب بكل صدق حبه الدماع
و دعي عينيك و جمال وجهك لي عند الله شفاع
عسى ألقاك يوم تسيغ الأبصار و تنسد الأسماع